أرشيف انكور
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://archive.iinkor.com/t5727
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

البديع في نقد الشعر === باب التثليم
Basil Abdallah 21-09-2022 08:46 صباحاً
الكتاب: البديع في نقد الشعر

المؤلف: أبو المظفر مؤيد الدولة مجد الدين أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشيزري (المتوفى: 584هـ)



بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين





باب



الحشو

الحشو أن تأتي في الكلام بألفاظ زائدة، ليس فيها فائدة، كقول النابغة:

توهمتُ آياتٍ لها فعرفتها ... لستةِ أعوامٍ وذا العامُ سابعُ

وكان الأجود أن يقول: لسبعة أعوام، فيستغني عن قوله: ستة أعوام، وعام سابع.



ومنه:

نأت سلمى، فعاودني ... صداعُ الرأس والوصبُ

فالرأس حشو، لا فائدة فيه؛ لأن الصداع لا يون إلا في الرأس.

ومن ذلك في الحماسة:

أبغي فتىً، لم تذرَّ الشمسُ طالعةً ... يوماً من الدهرِ إلاَّ ضرَّ أو نفعا

فقوله: طالعة. حشو لا فائدة فيه، لأن ذرت وطلعت بمعنى واحد.

ومنه قول الآخر:

فما برحتْ تومي إليه بطرفها ... تحذره خوف الوشاةِ وتومضُ

فقوله: وتومض. مكرر، لأن الإيماض هو الإيماض بعينه، كما قال بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هلا أومضت إلي، فقال: النبي لا يغمز.

ومن التطريق قول بعض العرب:

ولست بخابئٍ لغدٍ طعاماً ... حذارَ غدٍ، لكلّ غدٍ طعامُ

كرر لفظ غد، وهو الذي يسمى التطريق.

ومنه للمتنبي:

أسدٌ فرائسها الأسود، يقودها ... أسدٌ تصير له الأسودُ ثعالبا



قال الصاحب بن عباد: العجب كيف خلص من هذه الأجمة.

وكذلك قوله:

يدٌ للزمانِ الجمعُ بيني وبينه ... لتفريقه بيني وبينَ النوائبِ

ومثله:

أحرقَ البينُ فؤادي ... عميَ البينُ وصما

لو رأيتُ البينَ يوماً ... لسقيتُ البينَ سما

وقال المتنبي:

وللضعفَ حتى يبلغ الضعف ضعفهُ ... ولا ضعفَ ضعفِ الضعفِ بل مثله ألفُ

قال الصاحب بن عباد: هذا البيت يصلح أن يكون مسلة في كتاب ديوفيطس.

وقوله أيضاً:

عظمتَ، فلما لم تعظمْ مهابةً ... عظمتَ فكان العظم عظماً على عظمِ

قال الصاحب رحمه الله تعالى: هذا البيت يصلح أن يكون ناووساً في كبار المقابر لكثرة ما فيه من العظام.



وكما قال الأعشى في قصيدته التي أولها: ودع هريرة إن الركب مرتحل وهي في غاية الفصاحة:

وقدْ غدوت إلى الحاناتِ يتبعني ... شاوٍ مشلّ شلولٌ شلشلٌ شولُ

سئل الأصمعي عن هذا البيت فقال: لا أعرف معناه.

ومنه قول مسلم في الخمر:

سلتْ وسلتْ ثم سلَّ سليلها ... فغدا سليلُ سليلها مسلولا

وتبعه أبو تمام في مثل هذا فقال يصف مطراً:

وقرى كلَّ قريةٍ كان يق ... ريها قرىً لا يجف منه قريُّ

جمع الغثانة والرثاثة والثقل والركاكة.

وقال أبو الطيب المتنبي:

وقلقلَ بالوجد الذي قلقلَ الحشا ... قلاقلَ همٍّ كلهنَّ قلاقلُ

فقال بعض البلغاء: إن الأعشى شلشل، وإن مسلماً سلسل، وإن المتنبي قلقل.

ولقد أحسن من قال:

إن حشو الكلام من لكنة ال ... مرء، وإيجازه من الإحسان
أرشيف انكور

Copyright © 2009-2025 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved