4- أمراض جلدية تتفاقم عن العوامل النفسية:
هناك أمراض جلدية عدة يكون الشخص فيها حاملا لجينات المرض ويرتبط ظهورها وتفاقهما بتعرضه لعوامل نفسية حادة فهذه العوامل النفسية ليست سبب المرض وانما هي عوامل للتحفيز والإثارة ومن هذه الأمراض الصدفية، البهاق، الثعلبة وغيرها من الأمراض التي يتبين في كثير من الأحيان ان بداية ظهورها لدى الكثير من الناس هو أزمة نفسية حادة أو خوف شديد أو حزن أو نكسة مفاجئة، وفي حالة الأطفال فقد تبدأ مظاهر هذه الأمراض بدخول المدرسة أو بالغيرة لدى قدوم مولود جديد وهكذا، ومعظم الأشخاص المصابون بهذه الأمراض هم من ذوي الشخصيات الحساسة والذين يقلقون أو يغضبون بسرعة، ومهمة الطبيب مع هؤلاء الأشخاص هو تبيانهم ان هذه العوامل ليست اساس المرض وإنما هي عوامل مساعدة ونصحهم بأن يسعوا إلى تجنب كل ما يثيرهم ويوتر أعصابهم الامكان.
5- مظاهر نفسية نتيجة للمرض الجلدي:
تختلف الأمراض الجلدية عن غيرها من الأمراض في انها ظاهرة ومكشوفة للعيان وبسبب ذلك فهي تؤدي إلى لفت الأنظار إلى المريض مما يؤدي إلى اصابته بالاحراج والخجل ومن ثم قد يؤدي ذلك إلى القلق والاحباط، كما ان هناك أمراضاً جلدية عدة تظهر على الجسم بصورة مقززة أو تصاحبها افرازات وروائح مزعجة مما يؤدي إلى نفور الناس من المريض والابتعاد عنه، وقد تكون بعض الأمراض مما يصاحبه اعتقادات خاصة لدى الناس مثل الجذام والبرص مما يجعل الناس يعتزلون الشخص المصاب فضلا عن السماح له بالتواصل الاجتماعي معهم وذلك خوفا من العدوى.
ان كون تغيرات الجلد ظاهرة للعيان قد تصعب احيانا من عملية العلاج نتيجة للضغط النفسي الذي يصاحبها فالناس لديهم حساسية خاصة من حصول تغير غير طبيعي على بشرتهم ولو لفترة قصيرة ولو كان هذا التغير جزء من العلاج وفي سبيل نتيجة افضل ومن خلال التجربة الخاصة فقد لاحظت على سبيل المثال ان كثيراً من المعلمات والطالبات يتجنبن كريمات التقشير أو عملية التقشير أثناء أيام الدراسة وذلك بسبب الاحراج الذي يحصل لديهن نتيجة لظهور الاحمرار والجفاف الذي يصاحب التقشير فإذا كان هذا الأثر النفسي يحصل لدينا من اجراء تجميلي يتم باختيارنا فكيف تكون نفسية المرض الذي أصابه مرض جلدي ليس له خيار فيه.
تأثير نفسي
واجمالا فإن للمرض الجلدي تأثيراً نفسيا على المريض أياً كان عمره أو جنسه وتتراوح شدة التأثير ما بين الانزعاج إلى القلق والاحباط وقد يؤدي به إلى اعتزال الناس ولذا يجب على الطبيب المعالج ان يعطي هذا الجانب أهمية كبرى عند معالجة المرض فيحرص على ازالة العارض بأسرع وقت ممكن مع شرح وافٍ لسير المرض للمريض كما يحرص على اعطاء المريض اجازة في حالة عدم قدرته على مواجهة الآخرين كما انه في حالة امكانية تغطية المناطق المصابة والمكشوفة بمستحضرات خاصة فيجب على الطبيب ان يبادر بنصح المريض بذلك كما يحصل مثلا في حالة البهاق، كما انه من الضروري إفهام الآخرين موضوع العدوى وهل هذا المرض معد أم لا وهي مسألة هامة تهم المرافقين للمريض وقد تكون مهمة لجهة العمل.
وأخيراً فإنه كثيرا ما يكون لدى المريض انطباعات خاصة وتصورات غير صحيحة عن مرضه فمن المهم مناقشة المريض عن هذه التصورات وتصحيح بعض الاعتقادات الخاطئة كأن يتوقع مثلا ان مرضه مرتبط بخلل بالجسم بينما الأمر عكس ذلك أو ان يتخيل ان هذا المرض سرطاني بينما هو مشكلة عارضه وهكذا.
التعامل الأمثل
كل الدلائل تشير إلى وجود ارتباط قوي بين الحالة النفسية للانسان وبين التغيرات الجلدية التي تطرأ عليه كما ان هذه التغيرات الجلدية بدورها قد تؤدي إلى انعكاسات نفسية مختلفة وهذه الحقيقة على أهميتها قد تكون غير واضحة للمريض أو المحيطين به، كما ان ذلك قد يظل خافيا عن الأطباء ما يؤدي إلى الخطأ بالتشخيص والعلاج وقد تفشل جميع أنواع العلاج بالأدوية والدهانات الموضعية بسبب اغفال حقيقة ان هذه الأمراض هي أمراض نفسية جسدية تحتاج إلى معالجة نفسية بالدرجة الأولى، لذا فإنه يجب على الطبيب والمجتمع في كثير من الحالات التعامل مع الجذور النفسية لهذه الأمراض وليس مع الطفح أو البقع الجلدية السطحية فقط كما يجب الاستعانة بالطبيب النفساني واشراكه في خطة العلاج كما يجب على المريض والعائلة تفهم هذه الحقيقة وقبول العلاج النفسي في حالة الحاجة إليه.
ان الابتعاد عن مصادر القلق والتوترات ما أمكن والتخلي عن الطموحات والتطلعات غير الواقعية والسعي إلى تجنب الضغوط النفسية الزائدة أياً كان مصدرها، والنظر إلى الحياة بمشاعر الرضا والتفاؤل هو في أحيان كثيرة سبيل الوقاية من أمراضنا المختلفة سواء الجلدية أو غيرها.