أرشيف انكور
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
http://archive.iinkor.com/t2529
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

ألا لا أرى الأحداث مدحا ولا ذما أبو الطيب المتنبي
Basil Abdallah 17-09-2022 09:10 صباحاً
بسم الله الرحمن الرحيم



أَلا لا أَرى الأَحداثَ حَمدًا وَلا ذَمّا "

" فَما بَطشُها جَهلاً وَلا كَفُّها حِلما

إِلى مِثلِ ما كانَ الفَتى مَرجِعُ الفَتى "

" يَعودُ كَما أُبدي وَيُكري كَما أَرمى

لَكِ اللهُ مِن مَفجوعَةٍ بِحَبيبِها "

" قَتيلَةِ شَوقٍ غَيرَ مُلحِقِها وَصما

أَحِنُّ إِلى الكَأسِ الَّتي شَرِبَتْ بِها "

" وَأَهوى لِمَثواها التُرابَ وَما ضَمّا

بَكَيتُ عَلَيها خيفَةً في حَياتِها "

" وَذاقَ كِلانا ثُكلَ صاحِبِهِ قِدما

وَلَو قَتَلَ الهَجرُ المُحِبّينَ كُلَّهُمْ "

" مَضى بَلَدٌ باقٍ أَجَدَّتْ لَهُ صَرما

مَنافِعُها ما ضَرَّ في نَفعِ غَيرِها "

" تَغَذّى وَتَروى أَن تَجوعَ وَأَن تَظما

عَرَفتُ اللَيالي قَبلَ ما صَنَعَتْ بِنا "

" فَلَمّا دَهَتني لَم تَزِدني بِها عِلما

أَتاها كِتابي بَعدَ يَأسٍ وَتَرحَةٍ "

" فَماتَتْ سُرورًا بي فَمُتُّ بِها همّا

حَرامٌ عَلى قَلبي السُرورُ فَإِنَّني "

" أَعُدُّ الَّذي ماتَت بِهِ بَعدَها سُمّا

تَعَجَّبُ مِن خَطّي وَلَفظي كَأَنَّها "

" تَرى بِحُروفِ السَطرِ أَغرِبَةً عُصما

وَتَلثَمُهُ حَتّى أَصارَ مِدادُهُ "

" مَحاجِرَ عَينَيها وَأَنيابَها سُحما

رَقا دَمعُها الجاري وَجَفَّتْ جُفونُها "

" وَفارَقَ حُبّي قَلبَها بَعدَ ما أَدمى

وَلَم يُسلِها إِلّا المَنايا وَإِنَّما "

" أَشَدُّ مِنَ السُقمِ الَّذي أَذهَبَ السُقما

طَلَبتُ لَها حَظًّا فَفاتَتْ وَفاتَني "

" وَقَد رَضِيَت بي لَو رَضيتُ بِها قِسما

فَأَصبَحتُ أَستَسقي الغَمامُ لِقَبرِها "

" وَقَد كُنتُ أَستَسقي الوَغى وَالقَنا الصُمّا

وَكُنتُ قُبَيلَ المَوتِ أَستَعظِمُ النَوى "

" فَقَد صارَتِ الصُغرى الَّتي كانَتِ العُظمى

هَبيني أَخَذتُ الثَأرَ فيكِ مِنَ العِدا "

" فَكَيفَ بِأَخذِ الثَأرِ فيكِ مِنَ الحُمّى

وَما انسَدَّتِ الدُنيا عَلَيَّ لِضيقِها "

" وَلَكِنَّ طَرفًا لا أَراكِ بِهِ أَعمى

فَوا أَسَفا أَن لا أُكِبَّ مُقَبِّلاً "

" لِرَأسِكِ وَالصَدرِ الَّذي مُلِئا حَزما

وَأَن لا أُلاقي روحَكِ الطَيِّبَ الَّذي "

" كَأَنَّ ذَكِيَّ المِسكِ كانَ لَهُ جِسما

وَلَو لَم تَكوني بِنتَ أَكرَمِ والِدٍ "

" لَكانَ أَباكِ الضَخمَ كَونُكِ لي أُمّا

لَئِن لَذَّ يَومُ الشامِتينَ بِيَومِها "

" فَقَد وَلَدَتْ مِنّي لِأَنفِهِمُ رَغما

تَغَرَّبَ لا مُستَعظِمًا غَيرَ نَفسِهِ "

" وَلا قابِلاً إِلّا لِخالِقِهِ حُكما

وَلا سالِكًا إِلّا فُؤادَ عَجاجَةٍ "

" وَلا واجِدًا إِلّا لِمَكرُمَةٍ طَعما

يَقولونَ لي ما أَنتَ في كُلِّ بَلدَةٍ "

" وَما تَبتَغي ما أَبتَغي جَلَّ أَن يُسمى

كَأَنَّ بَنيهِمْ عالِمونَ بِأَنَّني "

" جَلوبٌ إِلَيهِْم مِن مَعادِنِهِ اليُتما

وَما الجَمعُ بَينَ الماءِ وَالنارِ في يَدي "

" بِأَصعَبَ مِن أَن أَجمَعَ الجَدَّ وَالفَهما

وَلَكِنَّني مُستَنصِرٌ بِذُبابِهِ "

" وَمُرتَكِبٌ في كُلِّ حالٍ بِهِ الغَشما

وَجاعِلُهُ يَومَ اللِقاءِ تَحِيَّتي "

" وَإِلّا فَلَستُ السَيِّدَ البَطَلَ القَرما

إِذا قَلَّ عَزمي عَن مَدىً خَوفَ بُعدِهِ "

" فَأَبعَدُ شَيءٍ مُمكِنٌ لَم يَجِد عَزما

وَإِنّي لَمِن قَومٍ كَأَنَّ نُفوسَنا "

" بِها أَنَفٌ أَن تَسكُنَ اللَحمَ وَالعَظما

كَذا أَنا يا دُنيا إِذا شِئتِ فَاذهَبي "

" وَيا نَفسُ زيدي في كَرائِهِها قُدما

فَلا عَبَرَت بي ساعَةٌ لا تُعِزُّني "

" وَلا صَحِبَتني مُهجَةٌ تَقبَلُ الظُلما





#شبكة_انكور_التطويرية
أرشيف انكور

Copyright © 2009-2025 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved